إذا ثبت أن "حزب الله" حفر أنفاقاً على الحدود مع إسرائيل، فأنه خبرٌ عسكريٌ سار، في جانب بسيط منه، على الرغم من أن ترويجه من جانب العدو الاسرائيلي يشي بأن العد العكسي يتسارع لحرب لا يبدو أن بنيامين نتنياهو يتردد في تمنيها والتمهيد لها من خلال سلسلة من الذرائع والحجج الخطرة. alt="أنفاق الحزب وألغاز الحرب"
الجمعة ٠٧ ديسمبر ٢٠١٨
إذا ثبت أن "حزب الله" حفر أنفاقاً على الحدود مع إسرائيل، فأنه خبرٌ عسكريٌ سار، في جانب بسيط منه، على الرغم من أن ترويجه من جانب العدو الاسرائيلي يشي بأن العد العكسي يتسارع لحرب لا يبدو أن بنيامين نتنياهو يتردد في تمنيها والتمهيد لها من خلال سلسلة من الذرائع والحجج الخطرة.
هو خبر سار فقط لأنه يعيد المواجهة الى الارض وما تحتها، ولا يبقيها في الجو، حيث تسجل موازين القوى إختلالاً حاداً لا يمكن تعديله لمصلحة العدو، الذي يمتلك القدرة على الرد على كل صاروخ يتلقاه بعشرة صواريخ تفوقه قوة ودقة قدرة تدميرية. التوازن الصاروخي كان وسيبقى وهماً، وهو لا يمثل ردعاً، ولا حتى درعاً. وتجارب لبنان منذ ستينات القرن الماضي وحتى اليوم تؤكد ان الصواريخ تتنافى مع أي مصلحة لبنانية، وما هي إلا ورقة تفاوض في يد الدولة او المنظمة التي تنشرها في لبنان او تزود اللبنانيين بها. والمثال الاخير كان في حرب العام 2006 التي كشفت عن قوة صاروخية مؤثرة لدى حزب الله، قادت إيران وسوريا الى مفاوضات مباشرة مع الاميركيين والاسرائيليين في العامين التاليين لتلك الحرب، في كل من إسطنبول وجنيف وفيينا..
التخطيط للمواجهة على الارض، هو بالمبدأ، وحسب خبراء عسكريين، عاملٌ رادعٌ أقوى من الصواريخ، أيضاً بدليل حرب العام 2006، التي نجحت فيها المقاومة في التصدي لأكثر من تسلل إسرائيلي بري، داخل الاراضي اللبنانية، برغم التمهيد الصاروخي والمدفعي المدمر الذي نفذه الاسرائيليون في حينه.. وهو ما يمكن أن يجبرهم على التفكير مطولا قبل الاقدام على أي إجتياح جديد للبنان، حيث تختبر إرادة القتال المباشر بشكل واضح، بعيداً عن التغطية الجوية والصاروخية.
إذا كانت الأنفاق مجرد خدعة، فهي مفيدة أكثر من المئة او المئتي ألف صاروخ يمكن ان يثير إطلاقها على العمق الاسرائيلي البهجة والحبور في طهران ودمشق، بغض النظر عما يمكن أن تتسبب به من دمار وخراب هائل في بيروت وبقية الانحاء اللبنانية المكشوفة لطيران العدو.. والذي لن تستدرج غاراته المتوقعة، أي رد إيراني أو سوري طبعا، يحمي لبنان أو يحول دون عودته الى ما قبل القرون الوسطى، التي يعيش فيها الآن.
لكن يبقى أن حديث الأنفاق بالغ الخطر. فهو في المقام الاول، تأسيس إسرائيلي لملف الحرب المقبلة، الذي بات يضم مصانع الصواريخ الدقيقة ومخازن الصواريخ القريبة من مطار بيروت ومنصات الاطلاق الموزعة في مختلف الاراضي اللبنانية حسب الرواية الاسرائيلية.. وهو تالياً، يقدم دليلاً إضافياً على ان نتنياهو يريد الحرب ويطلبها الآن، لأسباب تتصل بالانتشار الايراني في لبنان وسوريا، حيث تجددت الغارات الاسرائيلية في العمق السوري، لتشكل مساهمة عملية من جانب إسرائيل في الجهد الاميركي والعربي والدولي المتصاعد لحصار إيران وإعادتها الى داخل حدودها..وهي غارات لم يعد من المستبعد ان تصيب أهدافاً داخل لبنان، ومن دون الحاجة الى تنسيق وتعاون مع الحليف الروسي.
القراءة اللبنانية لحديث الأنفاق لا تخلو، كما هي العادة، من الطرافة. ثمة إطمئنان غريب الى نوايا إسرائيل وأعمالها الاخيرة. الثقة شبه تامة بأن نتنياهو لن يخرج الى حرب جديدة، بل هو يهدد ويتوعد فقط لكي يصرف نظر الجمهور الاسرائيلي عن تحقيقات الفساد التي تلاحقه.. وكأن هذا الجمهور سهل الخداع مثله مثل أي جمهور عربي. واليقين مطلق أيضاً بأن نتنياهو لم يشن حرباً على غزة، فقط بدافع الخوف، وليس بداعي الحرج من أن يضطر الى إنهاء مثل هذه الحرب بالتفاوض والتفاهم مع حركة "حماس"!
الرهان على أن الاسرائيليين يمكن أن ينخدعوا بمناورات نتنياهو، حرجٌ جدا. إستبعاد الحرب يحتاج الى مستوى من الايمان بالميول والنوايا السلمية لدولة إسرائيل، والى مستوى من الاعتقاد بأن الايرانيين وحزب الله، سيقفون مكتوفي الايدي، إزاء حالة الحصار التي تضغط على إيران بشدة، والتي تمتد الآن بإتجاه لبنان وتنذر بالتعامل معه مثل قطاع غزة المطوق والمعزول.
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات