يمرّ التفاهم بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله بأزمة جدّية، على خلفية تمثيل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة. «مناوشات» لا تهدأ، ورسائل تتبادلها «المنصات الإعلامية» المحسوبة عليهما، من دون أن تبذل القيادتان أي جهد جدي لضبط الخلاف. alt="حزب الله ــ التيار... الأزمة الأخطر منذ «مار مخايل»؟"
الخميس ٢٧ ديسمبر ٢٠١٨
جريدة الاخبار-ليا قزي
الخميس ٢٧/١٢/٢٠١٨
يمرّ التفاهم بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله بأزمة جدّية، على خلفية تمثيل نواب اللقاء التشاوري في الحكومة. «مناوشات» لا تهدأ، ورسائل تتبادلها «المنصات الإعلامية» المحسوبة عليهما، من دون أن تبذل القيادتان أي جهد جدي لضبط الخلاف.
الخلاف الأساسي بتمثيل نواب «اللقاء التشاوري» في الحكومة، كان بين رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، وفريق الثامن من آذار. إلا أنّ الأمر تحوّل، بعد مبادرة الرئيس ميشال عون إلى أزمة بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ، هزّت أُسس تفاهم مار مخايل. خرج الحريري من المشهد، ولم يعد أحد يتحدّث عن شروطه وعرقلته لتمثيل النواب الستّة، فقد تكفّل الوزير جبران باسيل بتحويل نواب «اللقاء» والفريق الداعم لهم، أي حلفائه، إلى «الخصم». التطورات الحكومية الأخيرة، أعادت تسليط الضوء على «الندوب» التي أصابت تفاهم مار مخايل على مرّ الـ12 سنة الماضية، كاشفةً عن تقصير قيادتَي الحزبين في ما يتعلّق بصيانة التفاهم وتحصينه. هي ليست المرّة الأولى، التي تظهر التباينات في الرؤية السياسية بين التيار العوني وحزب الله، ولكنّ سير الأمور يوحي وكأنها المرحلة «الأكثر خطورةً» على مصير التفاهم.
التصريحات الرسمية تنفي الأزمة، وتُشدّد على حُسن العلاقة الثنائية، وعلى أن الطرفين يسعيان إلى التهدئة. توصيات، لم تجد صدىً لها لدى القاعدة، التي عادةً ما تلتزم ما يُطلب منها. والقصة لا تتعلّق فقط برأي عام يُعبّر عن نفسه على منصات التواصل الإجتماعي، إنّما بأفرادٍ و«جيوش إلكترونية» ووسائل إعلام مُستمرة في تحريض القواعد الشعبية، وإعادة نبش خطاب الـ«نحن» والـ«هم»، وتنظيم جردة حساب تنتهي «بالتمنين» بالمواقف المُتخذة في المراحل السابقة. الأسلوب نفسه يُعتمد عند كلّ مُنعطف: جزء من جمهور حزب الله ومن الإعلاميين والسياسيين الذي يدورون في فلكه، يُعيدون تذكير «التيار»، بأنّ صمود حزب الله هو الذي أوصل عون إلى بعبدا. في المقابل، تعمد قيادة التيار العوني إلى الضغط على «الحزب» وإحراجه في الشارع و«تهديده» بأنّ أي مُعارضة لمطالب «التيار» السياسية، تعني «إفشال عهد ميشال عون»، الذي «سلّف المقاومة الكثير».
في المقابل، تؤكد مصادر في 8 آذار أنّ «التواصل لم ينقطع بين قيادتَي التيار والحزب، ما حصل حالياً أنّ النقاش والاختلاف نزلا إلى مستوى الجمهور». إلا أنّ ذلك لا يعني «وجود توجّه لضرب التيار، على العكس من ماكينة العونيين المُنظمة ضدّ حزب الله». وتأسف المصادر لأن «التمنين» المتبادل مستمر، مؤكدة أنا ما يجري حالياً هو ارتداد للتراشق الإعلامي بين مصادر الفريقين نهاية الأسبوع الماضي، الذي كان ينبغي أن ينتهي بإصدار حزب الله بياناً يردّ فيه على نَسْب معلومات إلى مصادره. ويجزم مسؤولون في 8 آذار بأن قيادتي التيار والحزب تريدان التهدئة، لكن الأمور بحاجة إلى القليل من الوقت، بسبب صعوبة ضبط «السوشل ميديا». الأكيد وجود اختلاف في المواقف السياسية «وحديث الرئيس عون (عن محاولة فرض أعراف جديدة في تأليف الحكومة) من بكركي دليلٌ على ذلك»، من دون أن يؤثّر ذلك بتفاهم مار مخايل، «أو بثقة الحزب بالرئيس وبقيادة التيار». تُذكّر المصادر بأن «لا مانع لدى حزب الله من حصول التيار على 15 وزيراً وليس فقط 11، ولكن النواب الستة يجب أن يتمثلوا. كذلك فإنّ الحزب غير معنيّ بخوض معركة الرئاسة باكراً، ولا بإعطاء وعد لأحد منذ الآن». الخلاصة التي تصل إليها مصادر 8 آذار، أنّ «تفاهم 6 شباط، بدأ يفقد جزءاً أساسياً منه، يتعلق بروحيته. هو يتحول شيئاً فشيئاً إلى مُجرّد اتفاق مصلحة سياسية، بعد أن كان يشبه عقداً اجتماعياً».
آخر حبّات هذا «العنقود»، كانت مُقدّمة أخبار الـ«أو تي في» أمس. فتسأل القناة الناطقة باسم التيار الوطني الحر، أنّه لولا ميشال عون «أين كانت الوحدة الوطنية، يوم تكتل كثيرون في الداخل ضد المقاومة... أين كان سعد الحريري؟... أين كان سليمان فرنجية؟ وماذا كان حلَّ بحيثيته السياسية المحلية؟... أين كانت القوات اللبنانية، وهل كان بإمكانها أن تتمثل بهذا العدد من النواب؟... هل كان نواب اللقاء التشاوري يحلمون بالدخول إلى مجلس النواب أو بالعودة إليه، لولا فعل القانون النسبي الذي يعود الفضل الأول بإقراره، له ولجبران باسيل؟». علماً أنّ «التيار» قاد معركة رفض اعتماد «النسبية الشاملة»، تحت راية «عدم تأمينها المناصفة والتمثيل الحقيقي للمسيحيين»، وكان باسيل يسعى إلى إقرار القانون المُختلط، قبل أن يُعلن «أُبوّته» للنسبية في 15 دائرة بعد أن فرضتها التسوية السياسية.
تختلف الأجوبة داخل فريق رئيس التيار الوطني الحرّ بشأن مصير العلاقة مع «الحزب»، كما داخل حزب الله. بين العونيين، يحمّل سياسيون بارزون باسيل مسؤولية التصعيد مع حزب الله. وفي الحزب، يُسمع صوت مرتفع لقياديين «يتفهّمون ردود فعل التيار وجمهوره». لكن مقابل مسؤولي التيار الذين يُحاولون تأكيد التزام التهدئة، ثمة من يقول صراحةً إنّ «باسيل أعطى تعليماته بالتهدئة، ولكن القواعد ممتعضة، ولا يمكن ضبط الرأي العام». ويُضيف مسؤول مُقرّب من باسيل: إنّ «ما يحصل على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يُزعجنا ولا يُفرحنا. لا قيمة عملية له، سوى أنّه صندوق بريد لنقل رسائل القاعدة المحقونة». هناك إصرار على تصوير التطورات الأخيرة، وكأنّها موجّهة حصراً ضدّ العهد الرئاسي، «يضربون (حزب الله) عهد ميشال عون، ويُثبّتون نظرية 14 آذار بأنّه ممنوع انتخاب رئيس قوي. فليُبرهن الحزب ما يقوله دائماً بأنّ في بعبدا جبلاً. نحن نخسر من شعبيتنا، بسبب طريقة تصرّف حزب الله التي تظهر وكأنّه يريد أن يفرض شروطه وعلينا أن نقبل بها، مُقابل سبب هامشي (توزير النواب الستة)». يرفض المسؤول العوني النقاش في أنّ تمثيل «اللقاء التشاوري» داخل الحكومة غير مُوجّه ضدّ «التيار»، ولا يتعلق بأشخاص بعينهم، بل بكسر الأحادية داخل الطائفة السنية. فبالنسبة إليه، «على حزب الله أن يعرف من يقف إلى جانبه ويُفيده في السياسة، ومن ذهب إلى سوريا قبل انتخابات الـ2009، ومن دافع عن المقاومة في الجامعة العربية، مقابل نواب يُنكرون العلاقة مع حزب الله من أجل الحفاظ على الناخبين في منطقتهم». الفتور في العلاقة بين الفريقين مُستمر، «وعلى حزب الله أن يقوم بصدمة إيجابية ما لتعود الأمور إلى سابق عهدها. لن نقبل أن يتنازل العهد. نحن مع حزب الله، ولكن عليه أيضاً أن يكون معنا".
ما تقدّم يُقلق سياسيين معنيين بتفاهم مار مخايل: «مش ماشي الحال. وإذا كان هناك مزيدٌ من التصعيد، فالنتيجة لن تُرضي الفريقين".
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات