هنري زغيب-هذا ما جناه علينا السياسيون، ونحن تحت رحمتهم قابعون، متي ننتفض فيندحرون؟كا "ماكنزي" وانتم غافلون، والناس في الوطن هائمون. alt="بين عاصفتين: مِـــمَّ يخاف اللبنانيون؟"
الأربعاء ١٦ يناير ٢٠١٩
هنري زغيب-هذا ما جناه علينا السياسيون، ونحن تحت رحمتهم قابعون، متى ننتفض فيندحرون؟كل "ماكنزي" وانتم غافلون، والناس في الوطن هائمون.
من 1200 صفحة تشكِّل تقرير ماكنزي لإِنقاذ الاقتصاد في لبنان، أُشيح عن فُصُولٍ منه تُشير بالأَرقام والوقائع والإِثباتات إِلى أَنَّ لبنان ثالثُ أَعلى نسبة مديونية في العالم، وإِلى أَنَّ النظام التربوي في أَدنى المستويات (لم يتجدَّد منذ 1997 أَي منذ 20 سنة، وهذا عار)، وإِلى أَنَّ الدولة المركزية فاشلة في تفعيل الأَجيال الثانية والثالثة من أَبناء اللبنانيين في العالم، وأَنَّ لبنان رابع أَسوإِ خدمات كهرباء في العالم (بعد هايتي ونيجيريا واليمَن)، وسواها من الحقائق الصافعة الـمُعيبة، على الرغم من تبجُّح بعض السياسيين وادِّعاءَاتهم العمل على الإِصلاح، أَقتطِف من التقرير مقطعًا جاء فيه حرفيًّا أَن "اللبنانيين يَقْضُون 50% من وقتهم على طرقاتٍ مزدحمةٍ 85% منها باتت غير صالحةٍ للسير وليس فيها أَدنى قَدْر من الأَمان والسلامة".
أَعرف أَنَّ الأَمر ليس جديدًا. وأَعرف أَنَّ اللبنانيين يعرفونه جدًّا لأَنهم يَذبحون من عمرهم يوميًّا ساعاتٍ مطاطةً مُضْنيةً طويلةً في غابةٍ من حديد السيارات يَعبُرُونها بآخِر ما في أَعصابهم من حياة، وأَعرف أَن اللبنانيين لا ينتظرون تقرير ماكنزي كي يكتشفوا أَنهم يَسيرون على طرقاتٍ عمرُ الحديثةِ منها أَكثرُ من نصف قرن، وأَعرف أَنَّ اللبنانيين اعتادوا القهرَ والصلْبَ والجلجلةَ حتى بات القهر جُزءًا من كُرَيَّات دِمهم، وأَعرف أَنَّ الذي ذكَرَه تقرير ماكنزي يَصلح للصيف والربيع لكنه لا يصلح للشتاء لأَنَّ الطرقات شتاءً تُصبح أَنهرًا تصُبُّ فيها مياهُ العَــبَّاراتُ الـمُحْكَمةُ الانسداد بنفايات النفايات التي يرميها مواطنون بلا ضمير، وأَعرف أَنَّ اللبنانيين الذين تابعوا طيلة هذا الأُسبوع فيضانات الطرقات شعروا أَنهم في بلَدٍ متخلِّفٍ مُتَهَرِّئِ البُنْية التحتية لأَنَّ بُنْيَتَه الفوقية مشغولةٌ كُلُّها بتشكيل الحكومة حتى ما عادوا معروفًا كم رئيسًا مكلَّفًا أُوكِلَ إِليه تشكيلُ الحكومة.
كل هذا أَعرفه ويعرفه اللبنانيون. لكنَّ ما لا أَعرفه، ولا يعرفه اللبنانيون: ما قيمةُ حكومة لم تتشكَّل بعدُ منذ ثمانية أَشهر لأَسباب يخجل أَن يصرِّح بها كلُّ لبنانيٍّ في الوطن والمهجر؟ وحتى لو تشكّلت: ما الذي ستجترحُهُ في بيانها الوزاري غيرَ كلامٍ مجانيٍّ أَجوفَ مكرَّرٍ لا يتحقَّق منه سَطْرٌ واحدٌ وينتقَّل هو ذاتُه من حكومةٍ إِلى حكومة ومن بيانٍ إِلى بيان ومن وزيرٍ إِلى وزير ومن عهدٍ إِلى عهد ومن نكبةٍ إِلى نكبة؟
"اللبنانيين يَقْضُون 50% من وقتهم على الطرقات"؟ متفائِلٌ تقريرُ ماكنزي. متفائِل جدًّا. فطالما لا نتلقَّى من المسؤُولين إِلَّا وُعُودًا مُقَنَّعة بكلماتٍ مُقَنَّعة كَوُجوههم الـمُقَنَّعة، سوف يأْتي وقتٌ يقضي فيه اللبنانيون كلَّ وقتهم على الطرقات، حتى إِذا أَداروا جهاز الراديو في سياراتهم خرجَ لهم صوتُ مسؤُولٍ يَـــتَـعَــنْــتَرُ في عرض شروطه لدخولِ الحكومة، وتشكيلِ الحكومة، وحصَّتِه في الحكومة، وعرقَلَتِه الحكومة "... وإِلَّا فلا حكومة"، وحين يصلُ المواطنُ إِلى مركز عمله ويفتحُ جريدةَ الصباح، يَقرأُ في تقرير ماكنزي أَنَّ "البُنْية التحتية في لبنان انهارت إِلى الدرجة 113 (بين 137 دولة في العالم)، وأَنَّ الفساد ازداد 26 نقطة بالمقياس العالمي: من الدرجة 120 سنة 2012 بات اليوم في الدرجة 146 بين 180 دولة في العالم".
وكُلّ ماكنزي ولبنان مشغولٌ بالبحث عن حكومةٍ فيها وزيرٌ لــ...مكافحة الفساد
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات