نبيل موسى-كما العادة عند كل خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يحاول المعنيون من سياسيين وإعلاميين الإنصات بإمعان لاستخلاص ملامح المرحلة المقبلة، أقله من وجهة نظر محور أساسي في لبنان والمنطقة. alt=""الإبراء المستحيل" الذي نسيه العونيون رفعه نصرالله في وجه تيار المستقبل"
الأحد ١٧ فبراير ٢٠١٩
نبيل موسى-كما العادة عند كل خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يحاول المعنيون من سياسيين وإعلاميين الإنصات بإمعان لاستخلاص ملامح المرحلة المقبلة، أقله من وجهة نظر محور أساسي في لبنان والمنطقة.
كان ملفتًا في خطاب السبت، مرور نصرالله سريعا على مؤتمر وارسو والتطورات في إيران وسوريا والعراق وفلسطين، وتركيزه على الوضع الداخلي في لبنان بعد نيل الحكومة الثقة، علمًا أنه كان مستغربًا انضمام الحزب الى مانحي الثقة لحكومة سعد الحريري.
في اليوم الأول من جلسات البرلمان لمنح الثقة للحكومة، فتح النائب حسن فضل الله "المزاد" بصفته المسؤول عن ملف مكافحة الفساد في حزب الله، مسلطًا الضوء على الملف الأبرز الذي ظل محل نزاع كبير على مدى سنوات: إنه ملف الفساد في وزارة المالية تحديدًا، مع العودة الى قضية الأحد عشر مليار دولار المتهم فيها الرئيس فؤاد السنيورةعام 2006 وما اعقب ذلك من اتهامات متبادلة على مدى سنوات بين قوى الثامن والرابع عشر من آذار في حينه عندما كان الشرخ السياسي عموديًا في البلاد.
في خطاب السبت عاد السيد نصرالله ليفتخ هذا الملف، مؤكدًا مضي حزب الله فيه حتى النهاية،كمقدمة ضرورية لمكافحة الفساد. واعتبر نصرالله ان القضية لا تقف عند الأحد عشر مليار دولار بل تتعداها الى مبالغ أخرى مفقودة لم يُعرف مصيرها.
ما قاله أمين عام حزب الله خطير ماليًا، لكن خطره الأكبر يأتي على المستوى السياسي، لأنه وإن لم يقل ذلك صراحةً يتهم مباشرة تيار المستقبل وفريقه بهذا الهدر للمال العام أو ربما باختلاسه، ما يشي بانتهاء شهر العسل الحكومي قبل أن يبدأ، ويهدّد بأزمة كبرى قد تصل الى حد الإطاحة بالحكومة وما جاء في بيانها الوزاري من إصلاحات وهبات ونهوض اقتصادي.
قبل سنوات من حزب الله، سلك التيار الوطني الحر هذا الطريق، ومشى فيه طويلًا الى حد نشر كتاب "الإبراء المستحيل" الذي يقرأ السيد حسن اليوم بعض فصوله. شنّ "التيار البرتقالي" في ذلك الوقت (وكان العماد ميشال عون لا يزال رئيسه) أعنف الهجمات على "التيار الأزرق" انطلاقًا من مضمون هذا الكتاب، مستخدمًا كل أنواع الأسلحة السياسية والإعلامية بهدف إلحاق أكبر الأضرار الممكنة بتيار المستقبل ومن خلفه قوى الرابع عشر من آذار.
بعد "الإبراء المستحيل" البرتقالي تسارعت الأحداث وتغيّر الكثير من المعادلات الداخلية والإقليمية. اختلطلت الأوراق وذابت قوى الثامن والرابع عشر من آذار لتنشأ تحالفات جديدة لم تكن لتخطر في بال. وبعد طول تعطيل للانتخابات الرئاسية برز ما سُمّي في حينه التسوية الرئاسية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل: العماد عون رئيسًا والحريري رئيسا للحكومة، وإن كان البعض غمز في حينه الى ما هو أبعد من ذلك بين الوزير جبران باسيل والحريري.
فجأة سُحب "الإبراء المستحيل" من الأسواق.. كما من الخطاب السياسي للتيار الوطني الحر الذي بلغ أحيانًا حد الاقتراب من الاعتذار عما جاء في الكتاب.
"الإبراء المستحيل" البرتقالي تغيّر غلافه اليوم الى الأصفر.. فهل يقود رفع خطاب حزب الله في الملفات المالية الى المواجهة المفتوحة، أم يؤدي الى تجديد تسوية معيّنة بين الحزب وتيار المستقبل على غرار التسوية الرئاسية، أم أن حزب الله يستجمع أسلحته الداخلية لمواجهة الحكم المنتظر من المحكمة الدولية في خلال العام الحالي؟
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات