بدأت المنازلة في لبنان بين القوى السياسية المتصارعة على خلفية ضبط العجز في الموازنة العامة، وستنتقل هذه المنازلة الى الشارع في اهتزاز لا يُعرف مدى انعكاساته على الشأن العام ومصلحته المشتركة. alt="فوضى ما قبل الانهيار الوشيك"
الإثنين ١٥ أبريل ٢٠١٩
بدأت المنازلة في لبنان بين القوى السياسية المتصارعة على خلفية ضبط العجز في الموازنة العامة، وستنتقل هذه المنازلة الى الشارع في اهتزاز لا يُعرف مدى انعكاساته على الشأن العام ومصلحته المشتركة.
تتمثّل المصلحة المشتركة في عدم الانزلاق الى الانهيار الشامل من دون أن يُدرك أحدٌ كيفية الخروج من المأزق الذي سببته القيادات السياسية الحاكمة.
لا شك أنّ المكوّنات السياسية التي تتشكل منها الحكومة أمام خيارات صعبة، لكنّ هذه المكوّنات تتصرّف بشيء من الحذر الذي لا يصل حدّ القلق من انخفاض شعبيتها الأساسية، أيّ الحزبيون والمناصرون.
فإقدام رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الى اعلان خريطة طريق تبدأ خطوتها الأولى بتخفيض الرتب والرواتب وامتيازاتها، يوحي بأنّه واثق من متانة قاعدته.
تعرف هذه المكوّنات، أنّ أيّ حراك شعبي لن يكون ذات ثقل خطير، اذا تمّ التوافق السياسي من فوق، أي إرضاء المعارض الأساسي في تخفيض مستحقات العاملين في القطاع العام، أي الثنائي: حزب الله وحركة أمل.
من يراجع الأجواء السياسية التي رافقت إقرار سلسلة الرتب والرواتب يدرك أنّ هذا الثنائي ضغط الى إقرارها وسط تردد معظم القوى السياسية الأخرى.
المعادلة نفسها تعود الي الواجهة الآن، الحزب والحركة يترددان في التخفيض، وبالتالي إذا لم يتمّ التعامل مع هواجسهما، فلا شيئ يتقدّم.
فإذا سحب الحزب والحركة غطاءهما عن التحرك الشعبي المحتمل، فإنّ هذا التحرك لن يصل الى "الحشد الخطير" في الضغط على السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وإذا انخرط الحزب والحركة في الحراك الشعبي فإنّ هذا الحراك يُصبح ضاغطا.
لا شك أنّ الواقع المالي هو الضاغط على الجميع، ولكن هل ستجيد الحكومة إدارة الخروج من المأزق؟
حين أقرّت السلطتان التنفيذية والتشريعية سلسلسلة الرتب والرواتب، وعد أركان الحكم المواطن بمكافحة الفساد، وهذا لم يحصل حتى هذه الساعة، بشكل مدروس وممنهج ، بالعكس، يسيطر الارتجال على هذا الاتجاه، ولا جدية في المعالجة.
وحين أقرت السلسلة، وعد أركان الحكم المواطنين في تزخيم عمل موظفي الدولة، وهذا لم يحصل أبدا، فمن يتردد الى دوائر هذه الدولة، يلاحظ الفوضى في الالتزام بالدوامات وبالأداء والإنتاجية، وكأنّ شيئا لم يتغيّر.
وحين أقرت السلسلة وعد أركان الحكم بإصلاح لم يتحقق الحدّ الأدنى منه.
وحُكي عن تدابير أخرى لمواجهة الهدر، واستغلال الثروة الوطنية من الاملاك البحرية وصولا الى الوضعية المالية العامة خصوصا في المجال الضريبي تحديدا على المصارف...وفي ضبط الهدر في المرافئ والمرافق،مثل الجمرك والكهرباء...، وهذه التدابير لم تُتخذ.
قد يكون خفض الرتب والرواتب هو المدخل الأسهل لإحداث تخفيض سريع في العجز، لكنّه لا يطال الأزمة ككل.
حتى هذه الساعة، يتصرّف المسؤولون بغوغائية وكأنّ الانتخابات على الأبواب، في حين أنّ لبنان يقف على باب الانهيار الوشيك.
أو كأنّ لبنان دخل مرحلة الفوضى في الشارع، ربما...
لكنّ الأكيد أنّ الفوضى تتحكّم بأداء أركان السلطة، وخير دليل الخلاف بين وزير الاقتصاد وحاكم مصرف لبنان والمؤتمر الصحافي لكبير موظفي وزارة المالية...
والدليل أيضا التخبط الذي عاناه الوفد اللبناني في مفاوضاته مع أركان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن وفي نيويورك، وكانت ليبانون تابلويد أول من كشفت عنه...
والدليل أيضا، خفّة المسؤولين في التعاطي مع هذه الأزمة الخطيرة...
وأخطر ما في الطروحات الحالية، أنّ كبار القوم يستشهدون في طروحاتهم للمعالجة، بنماذج من العالم الثالث...
وأخطر الأخطر، أنّ أي تحرك شعبي لن يصل الى نتيجة، طالما أنّ الغطاءات الطائفية والسياسية لم تتأمّن له، وطالما أنّ الأطراف الأساسية التي تحرّك هي جزء من السلطة، أو هي السلطة والمعارضة في آن واحد...
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات