.أنطوان سلامه- تلفظ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه وتوابعها من اغتيالات بعد خمسة عشر عاما من التداعيات والانهيارات المتتالية والمتغيرات alt="لبنان كدولة فاشلة بين اغتيال وانفجار"
الثلاثاء ١٨ أغسطس ٢٠٢٠
.أنطوان سلامه- تلفظ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال رفيق الحريري ورفاقه وتوابعها من اغتيالات بعد خمسة عشر عاما من التداعيات والانهيارات المتتالية والمتغيرات
الحكم يصدر وسط خلاف بشأن "هوية المحكمة" التي يعارضها حزب الله ويؤيدها معارضوه، تزامنا مع انقسام مشابه للتحقيق المتعلق بانفجار المرفأ، محليا كان أم دوليا.
وإذا كان التحقيق في انفجار المرفأ تتداخل فيه العوامل المحلية والخارجية مع مشاركة الأجهزة الأميركية والفرنسية في التحقيق برضى أو رضوخ أو عجز السلطات اللبنانية، فإنّ اغتيالا متقنا للحريري وموكبه المحصّن الكترونيا، لا بدّ وأن يفتح باب الأسئلة عن قدرات الجهة التي نفذّت عملية الاغتيال وهي جهة قادرة وتمتلك "حرية الحركة" في مكان "الجريمة".
الا أنّ المعركة السياسية التي فرضت إنشاء المحكمة الدولية، محليا وعالميا، جعلت لبنان "ساحة" مفتوحة للقرار الأممي، تماما كانفجار المرفأ حيث تحوّل الشاطئ اللبناني الى مرسى واسع للبوارج الأجنبية، ولطروحات أميركية وفرنسية تشكل رافعة لمرحلة جديدة من الحوار الوطني لإعادة النظر في النظام أو في المنظومة الحاكمة.
وإذا كان اغتيال الحريري اغتال أيضا مقولة "الوصاية السورية" وحلفائها وأبرزهم الرئيس اميل لحود بأنّ "الأمن أولية" و"الأمن ممسوك" كخيار يتصدّر الأوليات في لائحة الانماء والترقي وتحديث الدولة في انتظام "دولة القانون والمؤسسات "كشعار لعهد "لحود"، فإنّ انفجار المرفأ يطرح علامات استفهام بشأن الشعار الذي طرحه الرئيس ميشال عون في عهده وهو "الإصلاح والتغيير" بعد سنوات من حكمه.
ومهما رفض حزب الله هذه المحكمة الدولية وشيطنها، الا أنّ صدقية الحكم الصادرعنها، وإن حمل الحدّ الأدنى من "الحياد" والتقنية، فإنّه يُصيب الحزب في صميمه.
في المقابل، فإنّ هذه المحكمة المعترف بها دوليا، ومن شريحة وازنة من الرأي العام اللبناني، لن تلفظ حكما الا " كوثيقة قضائية" تندرج في مسار "المحاكم الدولية" عبر التاريخ، وهذا ما يجعل الحكم ضاغطا، في اللحظة الراهنة وفي سجلات التاريخ...
واذا كانت الاغتيالات التي عرفها لبنان منذ العام ٢٠٠٥ صبّت في اتجاه "الغاء" وجوه بارزة في خط سياسيّ متشابه، فإنّ "الخط المعاكس" هو حكما في دائرة التأزم، أقلّه في "عرقلة مساعي تحقيق العدالة".
وتتشابه اللحظة التاريخية بين الاغتيال والانفجار.
حصل الاغتيال في زمن الوصاية السورية.
وحصل انفجار المرفأ في لحظة يتحكّم فيها بالسلطة التنفيذية، حزب الله وحلفاؤه.
لا يعني هذا الكلام اتهاما.
لكنّه يعني أنّ خللا كبيرا يصدّع صدقية هذا النوع "من السلطة"، فالوصاية السورية دفعت الثمن انسحابا للجيش السوري، في حين أنّ السلطة الحالية تكابر...ولا تعترف بمسؤوليتها في انفجار المرفأ وفق ما أُعلن رسميا عن أنّ" رئيسي الجمهورية والحكومة" كانا يعرفان بوجود "المواد الخطيرة في المرفأ" وتصرّفا إداريا فقط.
جريمة المرفأ لا تنحصر مسؤولياتها بالجهتين النافذتين المذكورتين، بل تطال المنظومة الحاكمة، خصوصا تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر، كحدّ أدنى، في تعيين "مسؤولين عن المرفأ وأجهزته الإدارية والأمنية" محسوبين على قياداتها، ومعينين ومحميين من قبلها، ولعلّ المتهم الشرعي الأول في مسار التحقيق، هو بدري ضاهر المعروف الانتماء ودوافع ترقيته الى أعلى سلطة في الجمارك...
اذا كان اغتيال رفيق الحريري أحدث زلزالا من دون أن تسقط "المنظومة الحاكمة"، بل بالعكس عزّزت قبضتها داخل الحكم، فإنّ انفجار المرفأ يرتقي الى مستوى "إبادة مدينة"...
وحتى الآن لم يتبدّل في المشهد اللبناني العام الا ما أصاب المدينة من خراب...
والصراع الذي بدأ يلوح في الأفق بين الجهة التي تدعم "الحياد" البطريركي، والجهة التي رفعت سريعا، وفجأة، شعار "الدولة المدنية" يعني أنّ الأمور تدور في مكانها، أيّ في اتفاق "الطائف" الذي سقط وسقط معه لبنان في "هاوية التخلّف" والفقر والدولة الفاشلة...
فهل يقف لبنان عند مفترق طرق لاختيار نظام جديد ينطلق من خلفية "تغيير المنظومة" الحاكمة أو المتسلّطة؟
وهل يعني قيام الدولة المدنية تغييرا في أدوات سياسية متعددة منها قيام "الأحزاب المدنية" التي تفرز وحدها القيادات المرجوة...
هذا مستبعد...
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات