ريتا سعادة- الحضور الشعبيّ من مختلف المناطق إلى باحة الصرح البطريركي في بكركي ستفرض مواجهة سياسية قاسية. alt="المواجهة بين الدولة واللادولة من ساحة بكركي"
الجمعة ٢٦ فبراير ٢٠٢١
ريتا سعادة- الحضور الشعبيّ من مختلف المناطق إلى باحة الصرح البطريركي في بكركي ستفرض مواجهة سياسية قاسية.
بعد 20 عاماً، تتّجه الحشود الداعمة لـ"نداء 7 شباط" إلى ساحة بكركي، تبنّياً للمطالب الإنقاذيّة التي أطلقها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بدءاً من تحرير الشرعيّة ونظام الحياد ونزع السلاح غير الشرعي، مروراً بالتحقيق الدولي في ملف انفجار مرفأ بيروت، وصولاً إلى عقد مؤتمر دوليّ تحت رعاية الأمم المتحدة يضع قواعد دستوريّة حديثة وحياديّة، في الوقت الذي كان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله يلن رفضه لـ"التدويل" كردّ على دعوة الراعي على اعتبار أنّه "يُنذر بحرب".
المشهد والذكريات
المشهد سيُشابه ساحات آذار ٢٠٠٥ ولو من خلف الشاشات في انتظار الاستحقاقات، كلّ من يبقى من الساسة على مواقفه الضبابيّة سيسقط معها.
سيشهد التّاريخ الحديث للبنان أنّ قوّة الدولة ارتبطت بشكل مباشر بقوّة الحضور المسيحي وفعاليّته وهذا ما يسري أيضاً بشكل عكسيّ على المعادلة التي تربط بين الدولة والمسيحيين، في قوّتهما وضعفهما.
فهل تصبّ مصلحة الدولة في إعادة الساحة اللبنانية إلى ساحة خالية من الاقتتال الخارجي الذي يُنتج اقتتالاً داخلياً كما نادت بكركي أو بإبقاء مصير اللبنانيين مرتبطاً بحروب طهران ومشروعها النووي على خُطى حزب الله؟
الاستعدادات
التحضيرات اكتملت وساحة الصرح امتلأت بالكراسي تحضيرا لبرنامج السبت الذي يبدأ عند الساعة الثالثة بعد الظهر، فإنّ الحضور سيكون على موعد مع كلمتين:
كلمة للبطريرك يرفع فيها لائحة المطالب أمام وسائل الإعلام اللبنانية والأجنبيّة.
وكلمة بإسم التحرّك الشعبيّ تحمل عنوان "الحياد أو الموت" وتُعلن منح الشرعيّة الشعبيّة للمشروع الإستراتيجي الذي وضعته بكركي وستحمله إلى المرجعيّات الدوليّة في الأيّام المقبلة.
لوجيستياً
10 آلاف كرسيّ تمّ وضعها في الباحة الخارجيّة، مع التزام التباعد بالمسافة المطلوبة، والتشدّد في اتّخاذ الإجراءات الوقائيّة من كورونا عند مدخل الصرح، وعند الخروج.
اللافت في المشهد الشعبيّ المرتقب، حرص الأحزاب والمجموعات والحركات السياديّة والمعارِضة، المنظّمة لهذا التحرّك، على جعله بمثابة لقاء لمختلف الطوائف وممثّليها حول مشروع بكركي، لئلاّ يُصوَّر في عيون الداخل والخارج على أنّه حدث مسيحيّ، خصوصاً أنّه سيضمّ ممثّلين روحيين من مختلف الطوائف، ووفودا شعبيّة من طرابلس وعكار شمالاً، في وقت حُدِّدَت نقاط تجمّع في مناطق جنوبيّة، وفي البقاع، مع حصر الشعارات بالعلم اللبناني وصور البطريرك، من دون شعارات ورموز حزبيّة.
المواقف المتعددة
على هامش لقاء بكركي، تبرز هذه المواقف:
أولاً، حزب الله ومن يُواليه اعتبروا أنّ "حياد لبنان" هو مساواة بين الجلّاد والضحيّة في القضيّة الفلسطينيّة من جهّة وإخضاع لبنان إلى الاملاءات الخارجية لجهّة تدويل القضايا اللبنانية .
- ثانياً، قسمٌ من المعارضة وعلى رأسها حزب القوّات اللبنانيّة أيّدوا بشكل مطلق نداءات البطريرك وساهموا بسلسلة من التحرّكات الدّاعمة لها.
- ثالثاً، أحزاب وتيّارات وشخصيات إلتزمت الصّمت أو المواقف الرّماديّة لاعتبارات عدّة تأرجحت بين الانتماء للخط المناهض لبكركي والانتماء المؤيّد لكنّهم يلتزمون العمل تحت سقف حزب الله السياسي والأمني.
الخلاصات
مناعة الدولة وديمومتها هي البوصلة الأوضح التي دفعت البطريرك الراعي للتحرّك، خصوصاً أنّ حزب الله المسلّح قد تمدّد بشكل فاقع على جسد الدولة وبمعيّة حليفه المسيحي ولم يقتصر "احتضار الدولة" على اغتيال السيادة والقرار المستقلّ بل تعدّاه إلى الانهيار المدوّي الذي نتج عن الفساد والافساد واسقاط العدالة وإرساء التعطيل تلوى التعطيل وانتفاء الحلول وغرق الشعب بالجوع والفقر والافلاس والموت.
الصرح البطريركي الماروني، بات البوصلة التي توجّه دفة السفينة، للإبحار بوطن الأرز المتهاوي نحو برّ الأمان قبل غرقه.
المسيحيون ستكون لهم كلمة الفصل، فأيّ مرجعيّة يُريدون؟ بكركي أو حزب الله؟ لبنان الدولة أو الدويلات؟
.حضر المغدور لقمان سليم في عظتي البطريرك الراعي والمطران عودة اللذين أجمعا على رفض اغتيال الرأي الآخر
.المحرر السياسي- خرج الجدل في تشكيل الحكومة بين جبهتي قصر بعبدا وبيت الوسط عن دائرة الاهتمام الشعبي ليتحوّل هذا الجدل الى "رفاهية سياسية" في زمن الانهيارات والانسدادات